حكاية مخيم اليرموك: اخطأنا الرصاص، فأصابنا سهم الجوع

[????? ???? ?????] [????? ???? ?????]

حكاية مخيم اليرموك: اخطأنا الرصاص، فأصابنا سهم الجوع

By : Yasin Sbeih ياسين صبيح

يصرخ أخوه الصغير من شدة الجوع، لا دواء ولا غذاء في المخيم منذ أشهر، قام بربط بطنه وبطن أخوته بحبال في محاولة منه لتخفيف ألم الجوع، لم يعد يستطيع التحمل. يقرر أن يغامر بالخروج من المخيم ليشتري الخبز لعائلته بعد فقدانه كلياً في المخيم منذ أكثر من 170 يوماً، يخرج من البيت محاولاً التسلّل خارج المخيم فيتلقى رصاصة تُرديه قتيلاً، هذه القصة تكررت كثيراً كقصة عمر الحارس وطه حسين في بداية الحصار اللذين يقرران في لحظة يأس المغامرة بالخروج من المخيم لجلب كميات من الخبز لأهله بعد نفاد كل كميات القمح والشعير وحتى العدس التي كانت موجودة في المخيم.

يتجه الزميلان طه حسين وعمر الحارس إلى شمال المخيم المغلق بسواتر ترابية والمحاصر من قبل النظام والموالين له، وانتظرا حتى غروب الشمس لكي يكون لهم الليل ستراً من رصاص القناصة المنتشرين خارج وداخل المخيم من قبل النظام ومسلحي المعارضة. أثناء عبورهم الطريق ليصلوا إلى الأحياء القريبة وسط دمشق، بدأوا بالسير بحذر، حتى وصلوا منتصف الطريق، نُصب لهم كمين وتم اعتقالهم وتصفيتهم ميدانياً بدم بارد.

مخيم اليرموك

 رغم عدم الاعتراف به رسمياً من قبل وكالة الأونروا إلا أن مخيم اليرموك يُعتبر من أكبر المخيمات الفلسطينية على الإطلاق. يبلغ عدد سكانه حوالى مليون نسمة، 200 ألف لاجئ فلسطيني أما الباقي فهم سوريون قطنوا المخيم لأسباب عديدة لعل أهمها ظروفهم المعيشية الصعبة. وهو يقع داخل حدود مدينة دمشق ويبعد 8 كيلومترات عن وسط العاصمة الى الجنوب.

ما يميز المخيم هو موقعه الجغرافي في جنوب دمشق والذي يكاد يفصل ما بين دمشق المدينة وريفها (الغوطة)، ويلاصق المخيم عدة أحياء شعبية سورية، فمن الشرق حي التضامن ومن الجنوب الحجر الأسود ويلدا وهي أحياء شعبية بعدها يبدأ ريف دمشق، وغرباً بساتين منطقة القدم، ومدخله الشمالي هو منفذ أغلب ضواحي جنوب دمشق إلى دمشق المدينة. ومن ناحية أخرى يعتبر المخيم مركزاً اقتصادياً مهماً في دمشق حيث يعتبر شارع لوبيا وشارع صفد من أكثر الشوارع ذات النشاط التجاري في دمشق وليس في المخيم فقط، حتى أن سعر المحل فيهما قد يصل إلى مليون دولار.

 ما قبل الحصار

 في بداية الثورة السورية أو الأحداث السورية، سمِّها ما شئت، لأن كل هذه التسميات لن تعيد شهداء الجوع إلى الحياة، حاول لاجئو المخيم تجنيب أنفسهم ويلات الدخول في القتال الدائر في دمشق بين قوات النظام والجيش الحر، إلا أن هذه المحاولات باءت بالفشل لأن الأحداث قد فرضت نفسها على واقع المخيم.

هذا المخيم كان ملجأ لكثير من أهالي ريف دمشق وأهالي أحياء العاصمة دمشق التي تعرّضت للقصف، كمدن ببّيلا ويلدا في الريف وكأحياء التضامن والحجر الأسود والقدم والعسالي وغيرها. الجيش الحرّ وجماعات مسلحة أخرى كانت قد سيطرت على ريف دمشق (الغوطة) ففرض النظام حصاره عليها وقام بقصفها بشكل يوميّ ومنع الدخول والخروج إليها، بدأ جيش الحر والجماعات المسلحة بالزحف من الجنوب إلى مخيم اليرموك في منتصف شهر كانون الأول عام 2012  ليدخل المخيم دائرة الصراع. بدأت الصراع باشتباكات مسلحة بين الجيش السوريّ الحرّ وجماعات إسلامية سورية وحتى فلسطينية كجماعة أكناف بيت المقدس وزهرة المدائن (والتي كما يقول أهل المخيم إنها محسوبة على حركة حماس) من جهة وبين قوات النظام السوري والجبهة الشعبية – القيادة العامة من جهة أخرى.

بعد ذلك بيوم بتاريخ 16/12/2012 م قام سلاح الجو السوريّ بقصف مخيم اليرموك بطائرات الميغ الروسية، استهدف القصف ثلاثة مراكز للنازحين السوريين منها مسجد عبد القادر الحسيني حيث سقط 25 شهيدا وعشرات الجرحى. استمرت الاشتباكات بين الطرفين وتركّزت في بداية المخيم عند ساحة البطيخة وحي الناصرة (شارع راما)، وساحة الريجة وبلديّة المخيم في شارع فلسطين. أجبرت هذه الاشتباكات مئات الآلاف من أهالي المخيم الفلسطينيين والسوريين على مغادرة المخيم إلى المناطق المجاورة أو إلى الدول المجاورة: لبنان (100 ألف لاجئ) والأردن وتركيا وأوربا (170 ألف) ومنهم من قتل بالاشتباكات ومنهم من غرق أثناء هروبهم عبر البحر الأبيض المتوسط.

بعد فترة أعلنت قوات المعارضة سيطرتها على شارع الثلاثين، الشارع الواصل بين المخيم وحي الحجر الأسود، ثمّ تعرّضت الأبنية المطلة على هذا الشارع إلى قصف عنيف من قبل الدبابات دمّر أجزاء منها، ثم سيطروا على المخيم بشكل كامل. وبحسب التقديرات، بقي في المخيم 30 ألف غالبيتهم الساحقة من الفلسطينيين حيث واجهوا صعوبة بالغة بتموين أنفسهم بالغذاء والدواء، وبدأ الحصار الكامل بتاريخ 18/07/ 2013 م.

 بدء الحصار

أصبح المخيم محاصراً من مداخله الشّمالية الرئيسية من قبل النظام السّوريّ وفرع المخابرات الجوية والموالين: حيث تمركز ماهر المؤذن (كتيبة مسلحة بالصواريخ) بمنطقة القاعة شمال مخيم اليرموك، وتمركز مسلحو الجبهة الشعبية – القيادة العامة وفتح الانتفاضة بساحة البطيخة – منطقة الجسر شمال المخيم، وتمركز مسلحو شارع نسرين في منطقة الزاهرة الجديدة شمال المخيم.

في داخل المخيم تمركز مسلحو جبهة النصرة وكتائب مسلحة أخرى سورية وفلسطينية على شبابيك بيوت المخيم المهجورة وانتشروا في أزقته. أما باقي الفصائل الفلسطينية فلاذت بالصمت ولم تحرك ساكناً أمام هذه المأساة، فالقوتان الفلسطينيتان الكبيرتان كانت إحداها مع النظام والأخرى مع الجيش الحر.

ومن المنطقة الجنوبية هناك حصار آخر من النظام على الريف (الغوطة) لكن يوجد على الأقل في الريف مزروعات وأشجار ساعدت أهله على تحمل الحصار عكس ما يحصل في مخيم اليرموك إذ لا وجود إلا للمباني السكنية. وتتمثل خطة النظام السوري بتشديد الحصار على الجميع حتى يكسر شوكة مسلحي المعارضة، حتى لو كان ذلك على حساب المدنيين، والمسلحون يرفضون الخروج من المخيم حتى لو كان أيضاً على حساب المدنيين من أهالي المخيم.

بدأ تأثير الحصار على المخيم يظهر إذ شهدت الأسعار ارتفاعاً كبيراً، وبدأت تنفد مخزونات القمح والشعير والعدس، ونفد الدواء من أهالي المخيم وهناك حالات مرضية بحاجة دائمة لدواء كأمراض الضغط والكوليسترول وغيرها، نفدت المحروقات أيضاً، حتى كاد ينفد الهواء من الجو!

بدأت حالات مرضية تنتشر بين الأطفال منها: الجرب، التهاب الكبد الإنتاني والقمل، ومشفى فلسطين أصبح خالياً من أي مواد طبية بل أصبح خالياً حتى من الأطباء، واقتصر أغلب المتواجدين فيه على متطوعي الهيئات الإغاثية التي نفد أيضا مخزونها بعد استيلاء بعض مسلحي المعارضة عليه ومصادرة مخزوناته. وجه أهالي المخيم نداءات استغاثة للجميع وحملوا الجميع المسئولية عن هذه الكارثة الإنسانية خاصة الجبهة الشعبية – القيادة العامة وحماس، وانتقدوا صمت الفصائل ومنظمة التحرير.

أحد أهالي المخيم يقول: "احنا عايشين عالمي والملح وشوربة ماجي من غير شعيرية .. ولادي ما بطلعوا براز ومرتي فقدت وعيها أكتر من مرة .. عم بنموت وما حدا سائل فينا".

أرسلت منظمة التحرير الفلسطينية وفداً إلى دمشق لمحاولة حل الأزمة، انتقد الوفد وجود المسلحين داخل المخيم وباءت محاولتهم بالفشل، وتشكلت لجنة لحل الأزمة قادها أبو عمر العمري وهو من مخيم اليرموك ومحسوب على النظام حسب أهالي المخيم وباءت محاولته بالفشل أيضاً، فخرج أهالي المخيم بمظاهرات انتقدوا فيها منظمة التحرير لتسجيلها موقف سياسي على حساب حياتهم.

انطلقت حملة للإغاثة سميت بحملة الوفاء الأوربية ووصلت المعونات والأدوية إلا أن المعونات لم تدخل بسبب إطلاق النار عليها من قبل مسلحي شارع نسرين الموالين للنظام. خرج أهالي اليرموك مرة أخرى في مظاهرة أمام مكتب جبهة النصرة في المخيم تطالبهم بإيجاد حل لمعاناتهم وقوبل طلبهم بالرفض. يتساءل أهالي المخيم لماذا آثار الحصار فقط تظهر علينا ولا تظهر على المسلحين؟ بعد مرور 165 يوماً على الحصار بدأ شهداء الجوع بالسقوط فسقط 5 شهداء في أول يوم حتى وصل العدد اليوم إلى 30 شهيداً في اليوم 171 للحصار.

حتى القمامة التي كان يبحث فيها بعض من أهالي مخيم اليرموك لم تعد متوفرة.

مخيم اليرموك على شفا حفرة من مجاعة تودي بحياة الآلاف من أبناء المخيم، أعداد شهداء الجوع كل يوم في ازدياد ولا حل للأزمة إلا بتدخل سياسي تقوده منظمة التحرير من أجل رفع الحصار عن المخيم، وعلى منظمة التحرير أن تتحمل مسئولياتها اتجاه لاجئي المخيم وأن تقوم بتحييد المخيم عن الصراع خاصة بين الفصائل الفلسطينية الموالية أو المعارضة للنظام، وعلينا أن نضغط على هذه المنظمة المهترئة لتتحرك.

تحركوا أو انصرفوا!

[ عن " شبكة قدس الإخبارية"]

برافر لم يمر حتى إشعار آخر

عمت الفرحة الخميس الماضي، 12 من ديسمبر 2013، صفوف الفلسطينيين عقب إعلان الحكومة الإسرائيلية تراجعها عن عرض مشروع قانون ”برافر- بيغن“ للتصويت عليه لقراءة ثانية في البرلمان الإسرائيلي. وكان مشروع القرار قد حصل على مصادقة أوليّة (قراءة أولى) في السادس والعشرين من يونيو/حزيران 2013.(1)  

سيؤدي المشروع إلى تهجير أكثر من 40 ألف فلسطيني، من سكان النقب البدو عن حواي 35 قرية ”غير معترف بها“. إن اعتماد القرار يعني مصادرة أكثر من 800 ألف دونم من هذه الأراضي، بحيث يصبح أي اعتراض على هذا التهجير غير ”قانوني“. كما أنه يسلب سكان هذه القرى ”الاستقلالية“ المادية، حيث يستغل الكثير منهم المراعي لتربية المواشي ورعاية الأغنام إلخ. وسيؤدي التهجير كذلك إلى حصر الفلسطينيين البدو، الذين يشكلون ثلاثين بالمئة من سكان النقب، في واحد بالمئة من أراضي تلك المنطقة. على أن يتم ”توطينهم“ في مدينة تشيدها الدولة لهم. أي ”جيتو“ آخر من الجيتوهات التي يعيش بها الفلسطينيون في الداخل وخاصة المدن ”المختلطة“.(2) 

في الوقت ذاته كانت الحكومة الإسرائيلية قد صادقت على إقامة ما يقارب عشرين مستوطنة يهودية على أراضي أهالي النقب. كما عملت على رصد الأموال الخاصة بهذا المشروع الذي عرف بدايةً باسم ”تسوية أوضاع الاستيطان البدوي في النقب“ قبل أن يعرف لاحقاً بمشروع ”برافر- بيغن“.  لكن السؤال الذي لا بد من طرحه هو لماذا جاء القرار الإسرائيلي بتجميد المشروع أو أجزاء منه الآن؟ وماذا بعد هذا؟

القرار الإسرائيلي بتجميد المشروع 

بدايةً أود التوقف عند تصريحات بيني بيغن، وهو وزير سابق وأحد مهندسي هذا المشروع، حيث وكلت إليه مهمة تحضير تطبيق مخطط  مشروع ”برافر“ لعرضه على البرلمان الإسرائيلي  للمصادقة عليه للقراءة الثانية. قال بيني بيغن في تصريحاته الصحافية الخميس الماضي، إنه نصح رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو ”بتجميد“ مشروع القرار وعدم عرضه على الكنيست. ولم يؤكد أو ينفي إن كان هذا التجميد يعني سحباً كاملاً للمشروع أو تأجيل عرضه إلى حين ”ميسرة“.(3) لكن المثير في تصريحات بيغن هو حديثه عن انقسام في صفوف الائتلاف الحكومي حول المشروع. إذاً، لا توافق كل أحزاب الائتلاف الحكومي على مشروع القانون لإنه ”يعطي البدو حقوقاً أكثر مما يلزم“ كما قال أحد أعضاء حزب الليكود في البرلمان. (4)(5) أي أن أعضاء يمينيين (6) في حكومة ائتلاف مكونة أصلاً من أحزاب يمينية، يرون أن المشروع لا يحقق أهدافهم ولا يرنو إلى تطلعاتهم ولذلك لن يصادقوا عليه. وبناء عليه يبدو أنه يتم العمل على مشروع ”آخر“ لكي يفي بتلك التطلعات. إذاً  سنسمع، عاجلاً أم آجلاً، بمشروع جديد أو تعديل على هذا المشروع لكي ”لا يعطي البدو حقوقاً أكثر مما يلزم“. 

أسست حملة ”برافر لن يمر“ بصورة عفوية مجموعة من الشباب وأطلقتها قبيل يوم ”الغضب الأول“ في 15 تموز/يوليو الماضي، ثم  تلتها دعوات لتنظيم تظاهرات يوم ”غضب الأول من آب“. واليوم الثالث والأكثر نجاحاً، على صعيد عدد المشاركين الذي وصل إلى آلاف، كان في تظاهرات ”30 تشرين الثاني/ نوفمبر“. 

 

[مقابلة مع سوار عاصلي من حيفا وهي إحدى الناشطات المؤسسات لحملة ”برافر لن يمر“.]

الخروج من ”مجرد حراك“ إلى عصيان ووضع أسس سياسة بديلة

فرض الحراك نفسه إعلامياً على الرغم من أننا نتحدث عن ”ثلاثة“ أيام رسمية من الاحتجاجات تمت ما بين 15 من تموز/ يوليو و30 من تشرين الثاني/نوفمبر. اتسمت هذه التحركات بزخم ”رمزي“ وقوة الصور، التي أراد المنظمون وصولها. وهذا يعني تمكنهم أكثر من ذي قبل من السيطرة على أدوات التعامل مع الإعلام في الخارج. كما تميز الحراك بالحضور القوي لحملة ”برافر لن يمر“ على شبكات التواصل الإجتماعي. نجحت الحملة في استقطاب الدعم خارج فلسطين والتوجه للرأي العام العربي والعالمي والنشطاء في الخارج واستجابة  بعض الجاليات الفلسطينية والعربية في أوربا وقيامها بوقفات احتجاجية في مدنها تضامناً مع الحراك.

تميز الحراك كذلك بالزخم التعبوي واستثمار وتوفير الإمكانيات الفنيّة الداعمة. فتم مثلاً إعداد شرائط فديو تلقن طريقة عمل الغرافيتي.(7) أي أن الحراك، وإن أصبح أكثر تنظيماً مع مرور الوقت، فقد  تميز بمحاولات تنظيم أفقي بحيث يمكن لكل شخص ومجموعة أن تقوم بدورها على حدة وتصب بنفس الهدف دون شرط التنسيق المسبق بينها. (8)

[أغنية "علي صوتك"فكرة كلمات وتلحين وعزف عود - رمسيس قسيس. غناءرُلى ميلاد عازر.]

لم تلعب الفروق الجندرية في المواجهة في الشارع فرقاً، على الأقل للناظر من الخارج. فرأينا صوراً لنساء يقفن بقوة ويقاتلن في مواجهة قوة الجيش. يأتي هذا في وقت يعاني منه الفلسطينيون من تهميش نسبي للقيادات النسائية الفلسطينية على الصعيدين السياسي والثقافي عامة.

ولكن، على الرغم  من التغطية الإعلامية والتواجد الواسع نسبياً على شبكات التواصل الإجتماعي للحراك ضد مخطط ”برافر“، إلا أن عدد المشاركين في المظاهرات بقي منخفضاً نسبياً، لم يتعد الآلاف في آخر وأكبر الاحتجاجات في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر. خصوصاً إذا أخذنا بعين الاعتبار أن  مساحة الأراضي  المصادرة تشكل حوالي أربعين بالمئة مما لا يزال في ملكاً لفلسطينيي الداخل.

قد تبدو النقطة الأخيرة محبطة و”محرجة“ للوهلة الأولى . ولكننا قد نكون أمام حراك جديد من نوع آخر. إن عدم نزول عشرات الآلاف للتظاهر لا يعني بالضرورة عدم اكتراث أو عدم وجود دعم من قبل الأغلبية الصامتة للحراك ضد ”برافر“. الأهم هنا هو أن الحراك أحدث ضجة بإمكانيات بسيطة نسبياً ودون أن ينزل عشرات الآلاف إلى الشوارع.  ولكن هل يحتاج فلسطينيو الأراضي المحتلة عام 48، لخروج أعداد كبيرة دائماً للإحتجاجات أم أن ما يحتاجون إليه هو إعادة ”احتلال“ الحيز العام وفرض وجودهم وروايتهم وإيجاد حلول بديلة لا يمكن للمؤسسة الرسمية اختراقها جميعاً أو كسر شوكتها؟ 

يثير هذا الحراك سؤالاً مهماً وهو: كيف يمكن استغلال وجود بذرة من النشطاء ”العنيدين“ لترسيخ أساليب نضال جديدة تؤسس لحياة مركزية بديلة للفلسطينيين وليست على الهامش؟ كيف يمكن استثمارهذا الحراك للمضي قدماً وللاعتماد على ”رأس المال البشري“ من أجل إعادة ترتيب الأوراق بصورة جديدة للوقوف أمام ”مخططات“ مسح ما بقي من فتات وطن وذاكرة؟

برافر لم يمر... حتى إشعار آخر... 

 

هوامش:

1. انظر/ي آليات سن القوانين في الكنيست. 

2. نشرت ”جدلية“  مقالات عديدة حول الموضوع تتناول جذوره التاريخية وتفاصيل أخرى من بينها:

”صحراء النقب ليست قاحلة“ 

"تحت الإحتلال: بدلاً من التحرك في إطار النظام قاومه"

"لماذا تقلق صورة النساء الفلسطينيات المقاومات مضجع إسرائيل؟ المظاهرات ضد برافر كمثال"

"برافر يجب أن لا يمر"

3. انظر/ي: "إسرائيل تتراجع عن مخطط برافر"

4. http://972mag.com/see-the-prawer-plan-map-israels-government-was-keeping-secret/83333/

5. http://972mag.com/see-the-prawer-plan-map-israels-government-was-keeping-secret/83333/

6. يأتي الحديث هنا عن احزاب ”يمينية“ وأخرى ”يسارية“ في سياق تعريف هذه الأحزاب لنفسها ولا يعكس تقدير ورؤية كاتبة المقال لبرنامج هذه الأحزاب.

7. "الجدران تقول: برافر لن يمر"

8.  انظر/ي كذلك إلى أغنية فرقة "سوب راب" عن برافر